expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

السبت، 9 أبريل 2011

نعيش كالقطط في القمامة



لم أكن أتخيل أنه سيأتي اليوم الذى أكتب فيه مقالاً بهذا العنوان ... ليس لأنه يحمل بداخله كلمة قطط و ليس عيباً فى تلك الكلمة و لكن لكم الخزي الذى أشعر به تجاه هذا العنوان؛ فعندما نقول أننا نعيش كالقطط في القمامة هذا لا يعني افتراء أو كذب ولكنها الحقيقة ....
امتلأت شوارعنا للأسف الشديد بشتى أنواع القمامة ُطرحت أرضاً من قِبل مواطنين لا يعنيهم حماية بلادهم بأي شكل من الأشكال وتُركت علي الأرض من قبل مسئولين لا تعنيهم نفس تلك البلاد أيضاً ...

إذا كنت من الطبقة الراقية فى المجتمع فبالطبع عندما تسير فى الشارع بسيارتك تقوم بإغلاق زجاج السيارة كاملاً وتشعل عوداً من البخور حتى لا تصاب بزكام أبدي نتيجة الروائح الكريهة المنبعثة من تلال القمامة التي فى الشوارع ويكفيك هذا المنظر القبيح الذى يظل يؤرق عينيك طوال اليوم ..
أما إذا كنت من الطبقة المتوسطة أو تحت المتوسطة فى المجتمع فبالطبع تضع على أنفك كمامة "
أنفلونزا القمامة " و يكفيك أيضاً النظر بعينيك و تحمل مشقة هذا المنظر القبيح وربما تعودت علي تلك الرائحة بما يصل بك إلي الإدمان .

عندما أقف فى شرفتى فى الصباح الباكر وأجد رجلاً فى قمة الأناقة يمر أسفل المنزل ممسكاً بيديه كيساً من القمامة ثم ينظرعن يمينه وعن يساره ...  وعندما يتأكد أن الطريق خالياً من المارة يقوم بطرح الكيس أرضاً و كأن شيئاً لم يكن .
حينها تتكون لدي قناعة تامة بأن المشكلة في هذا الشعب العظيم ولكن سرعان ما تتغير عندما أقوم بإحصاء سريع لعدد صناديق القمامة الموزعة علي كل منطقة و تنتقل قناعتي حينها بأن العيب في حكومتنا المبجلة ولكن !! ..

أذكر أنه منذ بضعة سنوات كانت هي المرة الأولي التي نرى فيها شركات لجمع القمامة وكانت تلك الشركة " أونيكس " قد انتشرت في كل مكان علي الأقل في الاسكندرية حتي وصل الأمر أن لكل بيت صندوق خاص به يتم جمع القمامة منه يومياً وكانت تلك الفاتورة تضاف علي فاتورة الكهرباء ... أعتقد أن بعد تلك التجربة لا نستطيع أن نلوم الحكومة فالمنتظر هو الإلتزام من الشعب وخطوة أخرى ونصبح في عداد الدول المتقدمة .. ماذا حدث إذن !!!

عدة اختفائات للصناديق من الأحياء المختلفة وأصبح البيت الذي يملك صندوقاً كمن يملك سيارة ثم اختفاء نهائي واقتصار وجود الصناديق بجانب أعمدة النور في الشوارع الرئيسية والتي كانت كبيرة نسبياً مقارنة بسابقتها ثم اختفائها من الشوارع الرئيسية واصبح هناك صندوقاً واحداً كبيراً في كل شارع لا يسع الجميع بالطبع فيفيض علي جانبيه راسماً لنا أبشع صور التقدم الحضاري ...

علي مدار تلك المراحل لم يفكر أحد المسئولين في السبب الحقيقي وراء ما يحدث ....
عندما كنت صغيراً كان يمر علينا أحد الأشخاص يومياً ليأخذ القمامة وفى نهاية الشهر ُيحصل الأجرة  .. كانت لتلك المهنة رموز فى كل منطقة و معلمين يتكسبون من ورائها مكاسب طائلة ولكنها الرياح جائت بما لا تشتهي السفن .. حدث بعد ذلك أن قررت الحكومة التعاقد مع شركات خدمة البيئة لجمع القمامة و هنا حدثت الفجوة فجميع العاملين بجمع القمامة أصبحوا عاطلين عن العمل و لكن نداء بيوتهم أجبرهم على النزول من جديد ولكنهم أصبحوا يجمعون كل ما هو مفيد و مربح من صناديق القمامة حتي وإن كانت الصناديق نفسها ولا يتركون لتلك الشركات سوى فضلات الطعام ..... كل ما يحدث يجبر أى شركة مهما كانت عظيمة علي الفشل و الخسارة فلا تستطيع أن تصنع الجديد ولا تحسن مستوى القديم لأنها تعتمد فى مكاسبها على إعادة تدوير القمامة و ليست فضلات الطعام ...

من الطبيعي أن تخسر الشركات ومن المفترض أن يفهم المسئول ... وما يحدث يشبه حقاً ما يسمي بالخصخصة التي طالما سمعنا عنها في مصر ... يطردون العمال ويأتون بطاقم جديد ويسلبوهم حقوقهم ولكن الفرق هنا إن من طُرد قد عاد ليسرق الإنتاج حتي يكفي قوت يومه في ظل تجاهل الجميع !! ..

كتبت ذلك المقال قبل الثورة في الحقيقة وكنت في غاية الإحباط فحينها لم يكن أحد يسمع ولكنني أعيد نشره الأن بعد الثورة لأن من المفترض أن يسمع المسئول وأتمني أن لا يكون المفروض مرفوضاً ...

عرفتم السبب ؟! ... ربما أكون مخطئاً في تقديري للأمور ولكن هذا أيضاً لا يعطيكم مقام الصحيح ..
أتمني أن يصل صوتي إلي المسئولين عن محافظة الاسكندرية بالتحديد لما رأيته من جدية في تعاملهم مع شئون المحافظة وكما ذكرت ربما أكون مخطئاً في حسابات تلك الأزمة ولكنكم أيضاً مخطئون .. كل ما نحتاجه حقاً هو التفكير في حل الأزمة لا أن نجرب نفس الحل مائة مرة منتظرين نتيجة جديدة ...

في النهاية يوجد نوعين من القطط " البلدي و السيامي " فالبلدي تهوى العيش في القمامة أما السيامي فلا تعرف سوي النعومة و الرخاء و العيش في نظافة داخل البيوت فاللهم اجعل شعب مصر شعباً سيامياً يرفض العيش داخل القمامة وهذا لا علاقة له لا بالمحافظة ولا بأموالها ولا بقدرتها علي تحمل المسئولية .. تلك أخلاقيات افتقدناها ولن يعيدها إلينا سوى رغبتنا في التقدم !! ...


بقلم : محمد مندور
 10-8-2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق