علمتني الحياة أن من شيم الرجال في الأوقات العصيبة التي تشتد فيها
المعركة بين الحق والباطل عدم مشاركة الجلاد في ذبح الضحية حتى لو كانت الضحية
تدافع عن الحق بشكل خاطئ ..
أنت تدافع عن القضية لا عن من يحملونها وإن كان دفاعك عنها يتضمن الدفاع
عن من يحملونها معك ..
والتجرد للحق يجعلك لا تدافع عن باطل يفعلونه خلال المشوار بل من الواجب عليك
انتقاده وردهم إلى الطريق الصحيح ..
إلا أن اختيار الوقت والطريقة المناسبة هو ما أتحدث عنه ...
إذا أسقطنا هذا على ما نحن فيه سنجد أننا أمام ضحية تتمثل في جماعة
الإخوان المسلمين وأتباعهم وجلاد يتمثل في السيسي ومن وراءه العسكر بدولتهم
العميقة بأتباعهم من أنجس خلق الله ..
وأمام قضية نبيلة تتلخص في رد ظلم نظام عسكري يتحكم في مجريات الأمور في البلاد
لمدة تزيد عن الستين عاماً ...
وقد عاهدت نفسي على عدم التحدث عن أخطاء الإخوان المسلمين رغم كثرتها
لحين إنهاء المعركة بين الحق والباطل ..
إلا أن ما يحدث منهم إلى الأن أصبح فوق طاقة تحمل أي أحد ..
أفجعتنا الجماعة منذ فترة ليست بالطويلة ببيان لا تستطيع مع قرائته
الحفاظ على ما تبقى لديك من صبر وحسن خلق وكأنهم ما زالوا لم يراجعوا أنفسهم عن
دورهم طوال الفترة الماضية ..
تناسوا كل شيئ وتذكروا فقط أن يخبرونا ..
أنهم يكذبون تصريحات السيسي والتي تتضمن كونهم جماعة إرهابية وأنهم يسعون إلى
تعطيل مصالح الدولة ومؤسساتها ..
لا أعرف أي إرهاب يتحدثون عنه وهل يعتقدون بالفعل أن ما يتبرأون منه
دوماً من أفعال شباب وجماعات أخرى تهدف إلى الانتقام من الجلاد بالقوة هو الإرهاب
؟!
ستكون كارثة بالنسبة لي لأنني حينها سأطلب منهم رأياً واضحاً في بعض
الجماعات التي تحمل نفس منهجهم وتقاوم الباطل بالقوة ..
أما فيما يخص تعطيل مصالح الدولة فهذا يجعلنا نتطرق لسؤال في غاية
الوضوح .. ماذا تعتقدون فيما يخص المظاهرات سواء في الجامعات أو الشوارع ؟!
رجاء لا تخبروني أنها للتعبير عن الرأي ورفع وعي الشعب وتعريفه بالقضية لأن هذا
يعد درباً من دروب الخيال بالنسبة لشعب يصنفكم كإرهابيين من الدرجة الأولى ..
وفي ما يخص الشرح المبسط لمؤسسات الدولة كبرهان على فهمكم الواضح لها
فهذا ليس له إلا أنه حشو زائد ..
تطرق البيان بعد ذلك إلى المرار الذي نعيش فيه منذ أكثر من ستين عاماً
وسيطرة العسكر على جميع مؤسسات الدولة وهذا ما نعرفه جيداً وما نعرفه أيضاً في هذا
السياق دوركم الذي لعبتوه في النضال ضد هذا النظام طوال الستين عام الماضيين بما
له وما عليه !
وهو ما دفعنا لتصنيفكم من أهل الخبرة وهو ما ظهر عكسه تماماً في فترة
كانت لكم فيها مقاليد الحكم .
ذكر البيان أن الدولة العسكرية وضعت الكثير من المعوقات وحاكت الكثير
من المؤامرات ضد النظام القائم حينها مما أدى إلى سقوطه وهذا صحيح جداً ولكن ! ..
تناست الجماعة أن ترفق بالبيان خيبة ووكسة الإخوان المسلمين خلال ذلك
العام ومساهمتهم بغبائهم في تسهيل ما حدث ..
وأنهم بالفعل يتحملون جزء من مسئولية ما وصلنا إليه الأن ..
بعد ذلك تحدث البيان عن ما يريده الإخوان المسلمون من حيث أن يعود
الشعب هو السيد ، وإنهاء حكم العسكر ، وأنهوا البيان بالنهاية المعتادة
الضحية التي تضحي وتبذل من أجل مصر وترابها ونيلها ولا تنتظر من أحد
شيئاً جزاء ذلك !
انتهى البيان
ثم تلى البيان موقفهم وتصريحاتهم خلال الانتخابات الرئاسية ، وكيف أن
الشعب أسقط الفرعون بالمقاطعة وكيف أن رؤيتهم تؤتي بثمارها .. إلخ
ثم تلى هذا وذاك فيلم المندس !
انتهى البيان !
وسؤالي لمن كتبوه ..
إلى من توجهون البيان ؟!
هل إلى صفوف الشعب المصري العظيم الذي يصنفكم كإرهابيين من الدرجة الأولى ويستحل
دمائكم وأعراضكم ليل نهار ؟!
أم إلى السيسي بدولته العسكرية والتي انقلبت عليكم وأنتم في سابع نومة ؟!
أم إلى المجتمع الدولي الذي يدعم الاستقرار والديموقراطية الوهمية المتمثلة في فوز
السيسي بالرئاسة ؟!
أم إلينا نحن ؟!
أم هو بيض مش أكتر !
أعتقد أن السطر الأخير هو الأدق ! .. لذا هذا بياني فاقرأوه ..
شارك الإخوان المسلمون في معارضة النظام العسكري على مدار ستين عاماً
ولا أستطيع أن أصفها بالشريفة على طول الخط فأحياناً كانوا ضمن المعارضة المحسوبة
وكانوا يعرفون ذلك جيداً ..
شارك الإخوان المسلمون في ثورة الخامس والعشرين من يناير دون الإعلان
عن ذلك ولكنهم شاركوا بشبابهم في الشوارع بالفعل ..
قدموا الكثير من الشهداء في الثورة وكانوا من أوائل المدافعين عن
الميادين المصرية ضد العدوان الغاشم من قوات الشرطة ..
هم أول من دعوا إلى التهدئة والحوار والجلوس مع قيادات المجلس العسكري
لتسليم الدولة ...
باعوا الثوار في جميع المعارك الثورية بداية من مسرح البالون إلى
أحداث العباسية بادعاء أن العسكر دائماً كان يحاول جرهم للعنف وأنهم يسعون إلى
المضي في المسار الديموقراطي ..
حاولوا الاستيلاء على جميع وظائف الدولة المصرية بنظام الحشو لا
الكفائات ربما للسيطرة على مفاصل الدولة !
فازوا في جميع المعارك الانتخابية التي خاضوها بأساليب شرعية وغير
شرعية والدلائل كثيرة ..
فازوا في الانتخابات الأكبر " رئاسة الجمهورية " بدعم كامل
من جميع الشباب الثوري والأحزاب التي كانت تبدو محترمة آن ذاك ..
أيام قليلة مضت وبدأوا في لفظ الشباب وعدم الإحساس بالشارع وعدم
احتواء السياسين الموجودين على الساحة ومخالفة الوعود والإدلاء بتصريحات استفزازية
.. إلخ
الرئيس مرسي هو من عين عبد الفتاح السيسي وزيراً للدفاع ..
الرئيس محمد مرسي وجماعته هو من كانوا يأكلون رز باللبن مع الملايكة في حين أن
السيسي ودولته كانوا يجهزون لانقلاب عسكري مكتمل الأركان ..
بدأ اعتصام رابعة العدوية وكان الإخوان مسئولون عن جميع الخراء الذي يتم على منصته
ليل نهار ..
تم فض الاعتصام بالقوة وكانت تلك هي الخطوة الأخيرة ليرى من تبقى من بني البشر
الصورة واضحة ويقوم بحمل القضية ..
من هنا والقضية ليست قضيتكم ولا نعمل بها نحن لندافع عنكم ولا أنتم من
سيقول لنا كيف نمضي في الطريق ..
القضية قضية الحق والباطل وأنتم جزء منها كما نحن ..
ستون عاماً جربتم فيها كل شيئ إلا أن تكونوا رجالاً على قدر المسئولية
كفاكم لعب دور الضحية ، كفاكم اتباع نغمة الديموقراطية الحقيقية ومؤسسات الدولة
فنحن في زمن اللادولة ، كفاكم خنوع ..
ستون عاماً في الصراع وعام في مقاليد الحكم كفيل لإثبات طموح العسكر
ومخاوفهم وأنتم كما انتم !
أخر ما لدي بعض الأسئلة ..
ماذا لو تم فتح سبيل للتفاوض مع الدولة الحالية مقابل بعض المكاسب
ستذكر حينها ؟!
ما هو التوقع لسيناريو قادم بعد استقرار دولتهم
ماذا لو عاد الزمن من جديد وعدتم لما قبل الانقلاب مذا أنتم فاعلون ؟!
أحلم حقاً لو عاد الإخوان للحكم ثواني لأثبت لنفسي ولهم أن لا خير في
عقول شاخت وتحجرت والخوف كل الخوف من نقل العدوى لمن يقود الأن لأن البدايات لا
تبدو مبشرة ..
محمد مندور
2-6-2014