expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الأربعاء، 20 فبراير 2013

حمداً إليك ربي ..



بعد انقطاع التيار الكهربي وعلي أضواء الشموع بدأ الظلام الكامن بداخلي تأديه دوره علي أكمل وجه ...
عشرون عاماً من حياتي بدأت تمر أمام عيني بكل لحظات الحزن والفرح .. النجاح والفشل .. اللقاء والفراق .. وأخذ هذا السؤال يُلح علي كثيراً ...
لماذا شُكلت حياتي بتلك الهيئة ولماذا أكثر ما فيها يحزنني .. أهذا عذاب لذنب اقترفته أم أن هذا سبب خلقي ؟! .. أخُلقت لأعذب ؟! ...
لم تمر فترة كبيرة حتي أضاء النور بداخلي واستغفرت الله ولكنني عدت أسأل نفسي ..
ماذا كان سيحدث إن لم تتزوج أمي من أبي ؟! .. ماذا لو كنت أنا طفل أمي الأول والذي مات في شهره الخامس ؟! ...
ماذا لو لم أدخل مدرستي الإبتدائية ؟! .. ماذا لو لم يمت والدي في عامي السادس ؟! .. ماذا لو لم تعلمني والدتي أن أكون مجتهداً في دراستي ؟! .. هل كنت سأحصل علي الترتيب الثالث علي مستوي المدرسة في السنة النهائية أم لا ؟! ...
ماذا لو لم ينحدر المستوي الدراسي في فترة الإعدادية هل كنت سأصبح طبيباً مثلاً ؟! .. ماذا كان سيحدث إن لم تنحدر أخلاقي بشكل كبير في الثانوية العامة ؟! ..  ولماذا توقفت أنا وضاع غيري ؟! .. هل لأصبح طالباً في كلية الهندسة أم أنه لا صلة بينهما ...
لماذا فقدت والدي ولماذا أحتاج إليه إلي الأن ؟! .. لماذا فقدت أحبتي ولماذا أشعر دائماً أن برقبتي طوق يجذبني للأسفل ؟! .. حِمل وهم يجعلني أكبر من عمري بأعوام كثيرة ..
أضاء نور المصباح بعد ساعة كاملة من الأسئلة فوجدت نفسي أحمد الله فربما تعرض غيري لجزء بسيط من معاناتي وهو الأن يعيش في الظلام ولا يملك حتي هذا المصباح ...
تُعلمنا الأيام دروساً كثيرة وربما تقسو الحياة علينا أحياناً لنظن أنها مقصودة ولكن إذا فكرنا بشكل أخر سنجد ان كل ما حدث لنا من معاناة في يوم من الأيام كان بهدف جعل حياتنا تسير بشكل أفضل . سلسلة من الإبتلائات والنعم رتبها المولي عزوجل لتسير حياتنا بشكل أفضل  ... دعونا نتفق أننا لم نُخلق لنعذب ..
حمداً إليك ربي علي أن رزقتني القدرة علي قول هذا وكتابته فربما لا يستطيع غيري ..
حمداً إليك ربي ...

 محمد مندور 
20-2-2012

الجمعة، 15 فبراير 2013

طفل جائع وقطار لا يعرف الرحمة




علي أنغام هذا القطار المزعج " قطار أبو قير " ووسط محاولة تركيز في الأوراق التي أمامي لعلي أخرج من فراغ رحلتي بجملة مفيدة خرج هذا الصوت العفي ليشد انتباهي وتركيزي نحوه بعد أن غرقت خواطري في ملامح الكادحين من ركاب القطار فخلف كل منهم قصة تستحق أن تُكتب ....
رسمت شكلاً في مخيلتي لصاحب هذا الصوت العفي فوجدته فحلاً يشق الصفوف ولكن الحقيقة ليست دائماً كما يرسمها الخيال ...

 بدأت الصورة تتضح وإذا بطفل صغير يخرج من بين الأقدام .. ضعيف البنية ، ملامحه يبدو عليها كبرياء الفقر وعجّز الهم وتفاؤل من سلم تدبير رزقه لله وصرامة من علمته الدنيا كثيراً ، يحمل بين يديه صفاً من الكتب لا أستطيع حملها متزناً وخاصة مع اهتزازات القطار العنيفة والتي كان يتعامل معها بكل سهولة ويسر وكأنه يروضها .... 
لم تكن ملابسه بالهيئة التي تؤهله لركوب أي وسيلة مواصلات أخري غير القطار ولولا أنه القطار لما كان للملحمة التاريخية بين الملابس المتسخة والملابس المعطرة بعرق الفواعلية أن تتم ....

 " علم أولادك انجليزي وفرنساوي يا بيه بـ 3 جنية ... ارسم ولون يا باشا أجمل هدية للأولاد ... يلا بـ 3 جنية هادي أولادك هادي أحبابك بـ 3 جنيه يا باشا ... ها حد عنده حاجة ورا .. خلاص كلو سلم ... " .....


هكذا كان يروج لبضاعته بعد أن يضع نسخة من الكتاب علي رجل الزبون ثم يعود ليجمع جميع النسخ بعد أن يُكمل التوزيع علي العربة كاملة ... هذا يشتري وهذا لا يشتري وهو لا تفتر عزيمته وكأنه يسابق القطار يريد أن يصل ...

 لا أعرف ما الذي جذبني إلي ذلك الطفل بصورة أجبرتني علي ترك مقعدي والسير وراءه لأتابعه وقد حملنّي هذا مشاق كثيرة في محاولة شق الصفوف ولذلك فأنا أرفع له القبعة .... 
ظل الطفل يوزع ويبيع طوال الطريق فهذا يشتري وهذا لا يشتري وهو لا يغير طريقته مهما تغيرت حوله الظروف حتي وصلنا إلي العربة الأخيرة والتي كانت قليلة العدد إلي حد ما مقارنة بباقي العربات ...
دخلها كعادته بندائه " علم أولادك انجليزي وفرنساوي يا بيه بـ 3 جنيه " ...
ولم يكد يمر علي أول مجموعة ركاب حتي استوقفه أحدهم والذي يبدو علي سحنته ملامح تقل الدم وسأله : إنت في سنة كام يا حبيبي ..
رد الطفل وهو يرتب الكتب : مش في مدرسة وهم أن يمشي فأوقفه مرة أخري ...
وسأله : عندك كام سنة طيب ؟! ..
رد الطفل : المفروض أبقي في أولي اعدادي ...
فخرج عليه هذا الثقيل بنصيحة غالية حيث قال :
لازم تقول لبابا يدخلك المدرسة .. اللي بتعمله دة غلط قول لبابا عمو قالي كدا ..
نظر إلية الطفل ثم قال : هتشتري الكتاب يا باشا ...
رد : لا يا حبيبي الله يسهلك ..

 جمع الطفل كتبه التي وزعها ولم يكمل العربة ورغم أن العربة كانت منخفضة العدد كما ذكرت إلا أنه فضل الجلوس علي الأرض بجانب الباب بصحبه رزقه متأملاً الطريق بنظرات يملأها التحدي ..

جلست أنا بالقرب منه علي مقعد من المقاعد لأستمع إلي مجموعة من التحليلات الرائعة !! من بعض ركاب القطار والذين يتحدثون وكأنهم يعرفون كل شيئ عن تفاصيل حياته ... فأحدهم يقول ..
- هتلاقي أبوه ميت يا عيني ولا مطلق أمه بس إية أهله معندهومش من الأحمر خالص سايبين الواد في السن دة في الشارع نسوان أخر زمن والله يا اختي .. كان ذلك تحليل تلك السيدة التي يبدو عليها سحنة الموظفة الحكومية ...
 رد عليها أخر بصوته الذي يبدو أنه بلع ضفدعاً قبل أن ينطق ...
- الأهالي بتصرف علي العيال .. الجيل دة عايز الحرق هتلاقيه بيهرب من المدرسة وعاوز يطلع قرشين عشان يشم كولاا ولا تلاقيه بيبرشم ...
أما الأخري فقد بدت عليها الطيبة قبل أن تنطق وتقول له ..
- هو انت بتعرف تقري يا حبيبي اللي بتبيعه ....

 ظل الوضع هكذا فهذا يحلل وهذا يفسر دون أي مراعاة لشعور هذا الصغير مما استفزني فقمت وذهبت إليه .. 
وقفت قليلاً بجانب الباب قبل أن استجمع دواخلي وانحنيت بالقرب منه ومددت يدي قائلاً السلام عليكم : أنا أدهم إزيك ؟ ..
لم تكن نفسيته هادئة ليرد السلام ويقوم ليحتضنني فكل ما فعله هو أن رماني بنظرة تحمل مزيجاً من المشاعر السلبية تجاهي ورد بفتور : أهلاً ...

 جلست علي الأرض محاولاً إيجاد طريقة لفتح الحوار معه فلم أجد سوي التأمل في الطريق وترديد بعض الكلمات التي أشاركه بها وجدانياً في تأمله حتي وصلنا إلي محطة مصر فهم حاملاً كتبه ونزل من القطار ليبدأ رحلة أخري مع قطار أخر وحينها أوقفته فالتفت إلي وقد ملأ الضجر عينه ... عايز مني إية ؟! ..

# عاوز أدردش معاك شوية ممكن ؟! ..
# يا بيه أنا عاوز أخلص شغلي متعطلنيش الله يباركلك ..
# هشتري منك كل اللي معاك بس خلينا نتمشي ونتكلم شوية ..
كانت ابتسامتي كافية لتطمئنه كي نسير سوياً وأعتقد أن داخله كان يريد التحدث إلي أحد ما ..  

خرجنا من باب المحطة بإتجاه طريق محطة الرمل وفي الطريق مهدت له ما أريد أن أسمعه منه وبدأت الحديث عن نفسي وظروفي وكليتي ... إلخ .. إلي أن وصلنا إلي كافتريا بشارع صفية زغلول بالقرب من سينما ستراند ...
كافتريا فخيمة .. جميع روادها من حاملي اللاب توب والأي باد وكأنهم جميعاً نسخة خرجت من فيلم أسف علي الإزعاج ..
دخلنا إلي الكافتريا بعد دقائق من التردد من هذا الصغير فهمت سببها عندما راقبت نظرات الجرسون والجالسين إلينا ..
" شاب محترم برفقة طفل من أطفال الشوارع !! " غريب حقاً ...


 ظللنا نحدق في بعضنا البعض حتي جاء الجرسون بالمشاريب وأخرجت علبه سجائري واشعلت واحدة فاستأذنني في واحدة له فلم أمانع !! .. وهو ينفث دخان سيجارته ومرارة فنجان القهوة بدأ يحكي قصته بعد أن طلبت منه ذلك دون مقدمات ..

أنا سيد عندي 13 سنة المفروض كنت أبقي فـ أولي اعدادي بس طلعت من المدرسة ... أبويا مات فـ عركة في كرموز من سنتين الله يرحمه .. كان بيبرشم واترفد من كذا شغلانة لغاية ما اشتغل فـ المخدرات واتقتل بسببها ...
أمي بعد ما مات اشتغلت ممرضة في المستشفي بالعافية وعندي 3 اخوات بنات أصغر مني واديني شغال زي ما انت شايف ببيع كتب في القطر عشان اساعد أمي في مصاريف الأكل والشرب بتاع البيت ...

 جدع يا سيد الرجالة في الدنيا مش كتير وانت راجل رغم إنك صغير بس جدع ومتحمل المسئولية .. معلش مع إن الصح إن وضعك يبقي أحسن من كدا وتبقي في مدرستك زي بقية الناس بس معلش حكم الزمن بقي ...

الظروف مبترحمش يا باشا الحمد لله احنا أحسن من غيرنا علي الأقل في شقة إيجار بنتاوي فيها غيرنا مرمي عـ الرضيف

كنت بتفكر فـ إية يا سيد وانت سرحان فـ القطر ؟! ..

الناس مبترحمش يا استاذ أدهم .. شفت ولاد الكلب اللي فـ القطر كل واحد طلع فيه القطط الفطسانة كأنه بايت في حضني امبارح .. بس الحمد لله الواحد بيرمي ورا ضهره وينسي ..

بدأت دموع سيد تنهمر وأكمل قائلاً ... إنت عارف يا أستاذ أنا كان نفسي بس أكمل علامي .. نفسي كنت أطلع ظابط عشان أقبض علي اللي شربوا أبويا مخدرات واللي قتلوه الله يجحمهم ..

المهم متخدش فـ بالك إنت يا أستاذ متشكرين علي القهوة .. إنت ناوي تطلعني فـ التليفزيون ولا إية ؟! ناويين تشحتوا عليه زي ما بيعملوا علي طول ؟! .. 

لا متقلقش استني نقوم سوا .. دفعت الحساب وخرجنا من الكافتريا وهم هو بالذهاب .

أنا هتكل بقي يا باشا أي خدمات ..

استني بس احنا اتفقنا هشتري منك البضاعة ..

لا يا باشا كتر خيرك كفايا عليك القهوة متشكرين ..

استني بس أنا محتاج الكتب دية مش بعطف عليك .. تمنها كلها كام ؟ ..

80 جنية يا أستاذ ... طيب اتفضل

كتير دول والله يا باشا أنا هاخد حقهم بس ..

لا مش كتير انت تستحق أكتر من كدا يا سيد قولي ناوي تعمل بيهم إية ؟ ..

بدأت البسمة تعود له مرة أخري وقال ..
هدي مكسبي لأمي والزيادة هقسمه بالنص نص أجيب بيه كباب عشان اخواتي بيحبوه أوي والنص التاني أكل بيه من عند المحل دة ... وأشار إلي محل أكل سريع ولكن فخم شويتين .. خلينا نجرب أكل البهوات بقي ..

ودعت سيد بعد أن أخذت عنوانه علي أمل أن أحاول إيجاد سبيل لتحسين حالتهم وعودته للمدرسة وأعطيته رقم الهاتف الخاص بي وقبلت رأسه وانصرف ..

راقبته من بعيد بعد أن دفس المال في جيبه وكأنه يخفيه وذهب باتجاه ذلك المحل ... وصلت إلي باب المحل وقد دخل هو إلي الداخل ومازلت أراقبه ...

اقترب سيد من الكاشير ورفع رأسه قليلاً ... يا باشا
وكان سيد يقف وحده أمام الكاشير بعد أن علت أصوات صرخات الفتيات الرقيعة من تلك الجرثومة التي اقتربت منهم وبدأ الهرج يزداد في المحل فالجميع يبتعد عنه لملابسه المتسخة ورائحته التي لا تبدو جيدة ...  


تنبه الكاشير لسيد وقام مسرعاً ثم قال .. اطلع برا يا ابني مفيش أكل هنا

براحة يا عم مش بشحت منك أنا معايا فلوس وعاوز اشتري ..

كان ذلك يحدث وهو يجذبه إلي خارج المحل فوقعت الفلوس من يده بعد أن أخرجها من جيبه مختلطة بباقي ما جمعه طوال اليوم ... وحينها نهره الكاشير حتي فلوسك معفنة زيك .. روح اشتريلك فول ولا طعمية تاكلها وبلاش قرف ..

لم يتحرك أحد ولم يعلق أحد وكأن شيئاً لم يكن وهدأ المحل مرة أخري بعد أن طُرد منه سيد ...
علي بعد أمتار وقف سيد أمام صندوق القمامة ودموعه تنهمر وأخرج من جيبه ما أعطيته إياه من أموال وألقاه في الصندوق وانصرف ...

لم تكن عيني وحدها هي من ترقبه فعلي باب المحل كان يقف هذا الشاب الذي طرده منذ دقائق يبكي محاولاً أن لا يراه المدير حتي لا يفصله من عمله .. لم يكن بالسهل عليه أبداً ما فعل لهذا الطفل ..

لا أعرف إلي أي طريق وصل سيد الأن فلم استطع الوصول لمنزله بعدها ... ربما أصبح تاجراً للمخدرات مثل أبيه وربما ظل بائعاً للكتب كما هو أو ربما ...

لم أركب القطار مرة أخري في حياتي إلا وظللت أبحث عنه لعلي أجده أو أسمع صوته يشق صفوف الراكبين منادياً علي بضاعته ..

كنت أريد حقاً أن أعتذر له فأفعالنا الحمقاء ورفضنا لمن هو أقل منا غير أنه يبني جدران من الحقد في النفوس إلا أنه ينشئ أحياناً أجيالأ ممن يصلحون لشغل مناصب هامة في المافيا المصرية ...

تباً لهذا المجتمع الذي يجبر الفقراء علي العمل سخرة لإسعاد الأغنياء ولا يسمح لهم حتي بالإقتراب من مجتمعهم إن لاحت لهم الفرصة ... حقاً إني أسف يا صديقي ....   


محمد مندور 
15-2-2013






الاثنين، 11 فبراير 2013

قصيدة " قارب نجاة "


قارب تجاه خط النجاة
بينادي عـ التايهين هنا
هنعيد بإسلامنا الحياة
هو أمــلنا وحلمنـــا
والحلم فكرة من ظروف
زادت فـ رغبتنا الحياة
فاركب مسيرنا فـ يوم نشوف
فـ الجنة بعض إنت وانا
يا مسلم العصر الحديث
دبحوا إيمانك بالفتن
والدعوة صبحت متلاقيش
والدين فـ دنيانا اتعجن
وبقينا كلمة مسلمين
بالإسم مش طبع الرسول
لكن لابد فـ يوم نعود
ونكون صحيح خير الأمم
إيديكو في إيدينا يا مسلمين
إسلامنا اهو بينده علينا
طالب يكون فـ القلب دين
وهتحلي أيامنا بإيدينا
وهنبقي كلمة مسلمين
بالفعل مش بس الكلام
ويارب دعوة بس ليك
تجمعنا فـ الجنة بنبينا

محمد مندور 
فرسان القلم 
5-10-2012

الأحد، 10 فبراير 2013

قصيدة " ثورة اتسرقت "


المجلس قال للشعب
حمينا الثورة من المخلوع
والشعب يا عيني مـ صدق
بعد الحلم ما كان ممنوع
سلمنا إيدينا وروحنا
فـ سكة موت مفهاش رجوع
والمجلس فرحان بينا
وكاتم صوتنا بداء الجوع
عمال بيقسم فينا 
مين وسطينا عليه الدور 
ثوار مصر الأحرار
ضد الإخوان وشباب النور
ليبرالي كمان علماني
وكافر مؤمن ودة مأجور
والشعب دة تايه بينهم 
فاق من نومه يا ناس مذعور
الثورة اتسرقت منه
واللي سارقها دة شاهد زور
تفتكر الثورة هترجع ؟!
ولا نقوم نحلب في الطور
ولا مبارك أصلاً طاهر
واحنا ولاد الكلب الشعب
كل ما نطلب تسليم سلطة
بس يقولوا رفضنا الضرب
يا أخي ما ياريتك كنت قبلته
كنت هتبقي خليفه جارك
ولا يا ريتك كنت رفضته 
كنت هتبقي حميت في ديارك
بس عمايلك دايماً تشهد 
إن سعادتك كلب مبارك
وابقي افتكر الدم بدم
واللي قتلنا ماراح هنسيبه
والحق هيرجع لينا 
بكرة الشمس الحرة تجيبه
وهنهتف بأسم بلدنا
حرة وعالية عظيمة وأكتر
ونعمر فيها ونبني 
بعد ما يسقط حكم العسكر 
محمد مندور
فرسان القلم
3-5-2012

الأربعاء، 6 فبراير 2013

قصة قصيرة : الحب بين أحضان الخيال ..



لم يكن هذا الإمتحان بالشيئ الذي يثير القلق بداخلي خوفاً من عدم تخطيه علي الرغم من أنه أثار ذعراً كبيراً بين أبناء دفعتي لما عُرف عن تلك المادة من صعوبتها الشديدة ولكن في مثل حالتي وبعد تجربة رسوب عام في كلية الهندسة أصبحت قادراً علي التعامل مع جميع المواد بنفسية هادئة مهما كانت صعوبتها وعلي الرغم من أن الإمتحان جاء أصعب مما كان متوقع إلا أنني لم أندهش !! ..
فقد كانت رغبتي في النوم أكبر بكثير من التفكير فيما يخص الإمتحان خاصة بعد يومين من السهر المتتالي .

عُدت إلي المنزل بعد معاناة كالعادة في المواصلات لأجد السرير فاتحاً ذراعيه لاستقبالي جثة هامدة فاحتضنت وسادتي وأنا علي قناعة تامة بأن النوم سيأتي في الحال إلا أن أحداث يومي كان لها رأي أخر ...

رأيت يارا بعد الإمتحان مباشرة كالعادة بردائها المُحافِظ  وملامحها التي تبدو مألوفة بالنسبة لي . لم تكن جميلة بالقدر الذي يثير مشاعري تجاهها إلي هذا الحد ولكننى تعلقت بتلك الملامح التي يكسوها الحزن أغلب الأحيان ، وابتسامتها التي تخفي ورائها أوجاعاً ربما تشابهت مع أوجاعي كثيراً ، وصمتها الدائم فهي لا تتحدث إلا نادراً وربما لا أستطيع تمييز صوتها من بين أصوات بقية الفتيات ...

هذا بالكاد ما أعرفه عنها من خلال قراءة وجهها وعلي الرغم من أننا نعمل سوياً في مشروع خاص بالكلية إلا أنني لم أحادثها إلا مرات قليلة جداً وكنت أكتفي فقط بإظهار الإعجاب بطريقة عملها في المهمة الموكلة إليها وكانت هي الأخري تفعل ذلك مما أثار شكوك المقربين حولنا بأن هناك شيئاً ما بيننا ...

كان اليوم سينتهي عادياً بلا شيئ يعكر صفوه إلا أنني رأيتها تقف مع أحد الزملاء يتبادلون أطراف الحديث ولا أعرف لماذا أصابني الذعر في ذلك اليوم تحديداً رغم أني رأيتها في ذلك المشهد من قبل ..
لا أعتقد أنها غيرة لأنني لا استطيع أن أجزم أني أحبها ولا أعرف شعورها هي الأخري تجاهي ..
لكن ربما تمنيت أن أكون مكان هذا الزميل لا أعرف لماذا أو ماذا سأقول لها ولكنني أعتقد دائماً أني سأكون سعيداً بتبادل الحديث معها ...

غلبني النوم وأنا أري شريط يومي يمر أمام عيني ولم أشعر بشئ وكأنني ميت وهكذا أكون دائماً ولا أجد من أحمله عناء إيقاظي من النوم سوي أختي الصغيرة التي تتكبد عناء تلك المهمة يومياً .. بعد عدة محاولات لإرجاع الحياة إلي جسدي نجحت أختي في إيقاظي لأنطلق من السرير إلي مكتبي بخطوات ثابته وأنا في كامل يقظتي !! ..
تناولت غدائي أو عشائي لا أتذكر وأنا أتصفح الفيس بوك وأتابع ردود أفعال ذلك الإمتحان السخيف إلي أن قاطعني صديقي أمير كاتباً لي : إية الأخبار ..

قلت : الحمد لله .. عملت إية فـ الإمتحان ؟!
قال : كبر دماغك ..
وكعادتي في المواقف العصيبة فقد مزحت قائلاً : كدا مش هعرف أخلع الفانلة !!
ضحك أمير وأتبع قائلاً : إبقي قصها من عليك بالمقص ..
أصابني مردود الألشة بالمغض فقلت : مساء البيض المستمر ..
قال : مخنوق أوي يا صاحبي .. 
وكعادتنا في مشاركة بعضنا البعض الهموم لم أسأله شيئاً  ... بل قلت : أنا النهاردة بالظبط تلت ساعة فـ الإمتحان سايب القلم وسرحان فـ اللي حواليه ..

فرد وكأنه يواسى نفسه : كبر دماغك يا عم أنا مقتنع إني مش غبي ومش بعرف أحل بردو فيها إية ؟! تقدر تقول مش مجالي غير إني كمان مش موفق أوي ...
النهاردة بقي مشيت بسرعة علي غير العادة وأخدت قرار همشي من غير ما اشوفها وهركب من غير ما استني حد فركبت ونمت فـ الأتوبيس وحلمت إن أهلي كانوا مسافرين وبعدين حصل حادثة وماتوا كلهم ومتبقاش بس غير أحمد إبن اخويا وبقيت أنا وهو بس عايشين هنا وبقي هو زى إبني واهتميت بتربيته ...

قاطعته قائلاً : " لفظة اعتراضية " ... متكلمنيش تاني يا عم .

وبعد فترة صمت بيني وبينه قال : التخيل دة مهم يا ابني أنا لما تخيلت كدا في الحلم حد سألني إية مواصفات الزوجة اللي إنت عاوزها عشان كنت عاوز اتجوز حد يعيش معايا ويساعدني في تربية أحمد كانت إجابتي تكون أم وتقدر تستحمل الوضع ...

قلت : ما انا عارف أم التخيل دة وحافظه .. الغريب إني حلمت حلم بنفس المواصفات النهاردة ! ..

انهمرت الضحكات المتتالية علي الشات ودواخلي يكاد يصيبها الجنون .. كيف لنا أن نحلم نفس الحلم في نفس اليوم ونفس التوقيت تقريباً والذي استيقظت وجميع مشاعري ترفضه لماذا يتم تأكيده بقصة مشابهة وظروف مشابهة !! ..
لم يصدق أمير فطلب مني أن أحلف !! فأقسمت وكأنني أيضاً لا أصدق بل بالفعل أنا لا أصدق !! ...

اتبعت قائلاً : إنت عارف إن يارا والدها متوفي مع إني مش متأكد بس ما علينا ..
المهم إني حلمت إية بقي قال والدتها هي واخواتها كمان ماتوا والشقة اللي كانت فيها انطردت منها ومفيش حد من قرايبها تقدر تروح عنده وكانت قاعدة مع رانيا في الكلية وبتعيط ومتسألنيش عرفت منين ! .
المهم إني روحتلها الكلية وعرضت عليها تيجي تعيش معايا في الشقة عشان أنا أهلي هما كمان ماتوا في حادثة كلهم وانا لوحدي ! وعشان تبقي حاجة شرعية عرضت عليها الجواز وقلتلها هيبقي في مأذون وعقد وكل حاجة بس هنعيش زي الإخوات لغاية ما نتخرج وتقدر تعتمد علي نفسها وساعتها هطلقها وكأن مفيش حاجة حصلت والغريب إنها وافقت !!!...

عيشنا إخوات لغاية التخرج وبعدين أنا اشتغلت وبعد سنة من شغلي كان قرارها إننا نحول جوازنا حقيقي ونكمل مع بعض وبقية الحلم كان حب ورومانسية وكنا لسة هنخطي لقيت أختي صحتني ! ..

انتهي الحوار بيني وبين صديقي بصمت طويل يتخلله تفكير عميق داخل كل منا في حلمه البائس ...

فكرت في كل شيئ ولم أستطع الوصول لسبب لما حدث لا أقصد بالطبع حلمنا المشترك لأن ظروفنا إلي حد كبير متشابهة بل جناية حلمي فقد قتلت كل من حولي وحولها وقمت بإزالة جميع العقبات لنبقي سوياً ..
هل أحبها لتلك المرحلة التي جعلتني أحلم بأني فقدت كل من حولي وفي قمة سعادتي لأني سأبقي معها وكيف ذلك وأنا لا أعرف شعورها نحوي في الأساس ! ..

الغريب في هذا الحلم أنه لم يأخذ وقتاً طويلاً فى سرد تفاصيل عديدة كموت من ماتوا وسبب طردها من منزلها وموافقتها السريعة ولكن كان التركيز كاملاً علي موافقتها بعد العام من تخرجنا علي البقاء بجانبي ...

كان ذلك المشهد أشبه بالأساطير الرومانسية ...
فتحت باب شقتنا لأجد الظلام يعم المكان وظننت حينها أن يارا ربما ذهبت لإحدي صديقاتها ...
إلا أن نوراً خافتاً أضاء في غرفة نومي وسمعت صوتها الذي عشقته وهو يناديني بكل رقة فذهبت إليها مسرعاً تدفعني نبضات قلبي وكأنها علي علم بما سيحدث ... 

وقفت على باب الغرفة وبدأ النور يزداد تدريجياً لأري أمامي حورية من السماء ...
لم أراها هكذا من قبل وربما السبب في ذلك أنني كنت أغض الطرف عنها طيلة الفترة الماضية ولكنني حقاً أراها اليوم بشكل مختلف ...
تفقدت عيني جوانب الغرفة وهي ترقص فرحاً وكأنها أصبحت قطعة من الجنة وخاصة مع هذا العشاء الرومانسي والموسيقي الهادئة التي اختارتها بعناية فهي تعرف جيداً أني أعشقها ...

لم تستطع شفتاي أن تنطق بكلمة واحدة فمازلت لا أستوعب ما يحدث حولي إلي أن قاطعتني قائلة ..
يكون شرفاً كبيراً لي أن أكون زوجتك ... ولم أعلق سوي بالصمت أيضاً ...
قالت : منذ أن كنا سوياً بالجامعة و قلبي متعلق بك وعندما جئت وعرضت علي عرضك تراهن معي جميع من أعرفهم علي أنك ستخلف وعدك في منتصف الطريق ولكنك لم تفعل وقلت لهم حينها سأتزوج رجلاً وها قد فعلت
والأن أنا ملك لك للنهاية ربما جمعتنا ظروف صعبة وربما تحملتني كثيراً وأقدر لك ذلك لكن حبي لك سبق كل هذا ..
حبي لك لا يندرج أبداً تحت بند رد الجميل فحقيقة قلبي مُتيم بك ...

لم أستطع الصمت أكثر من ذلك فاقتربت منها وقبلتها قبلة علي جبينها وضممتها إلي صدري وأحسست بأنني علي قيد الحياة للمرة الأولي .. صدقاً إني أحبها ..

قطعت فترة صمتي وتفكيري العميق بابتسامة تتخللها الدموع وفرحت كثيراً بأن الحلم قد توقف في ذلك التوقيت بعد أن قبلتها علي جبينها .. لقد ساعدتني أختي علي أن لا أري منها أكثر مما رأيت بردائها المحافظ دائماً فعلي الرغم من أنني تزوجتها في الحلم وكان من حقي كل شيئ إلا أن الحقيقة هي الباقية وقد شرفت بتلك الحقيقة كثيراً ...

إن الحياة ليست بتلك البساطة التي نتمناها ولكن ستظل الأحلام وحدها هي الشيئ الوحيد الذي نستطيع أن نحرك فيه الظروف لتصل بنا إلي ما يريده داخلنا وربما يكون شيئاً مجنوناً لاستحالة تحقيقه علي أرض الواقع فنحققه بجنون في أحلامنا ... ........... تمنيت كثيراً لو استطعت أن أقول لها ..

دعيني أخبرك أنني أكون في قمة سعادتي عندما أراكِ ولكن لن أستطيع إخبارك بأكثر من ذلك حتي لا تتحول سعادتي لحزن دفين فلتكفيني إذن رؤيتك ذكري هادئة أعيش عليها ...

عاد كل شيئ لطبيعته فما زلت في منزلي ومازالت هي في منزلها ومازال كل من نعرفهم علي قيد الحياة وكتبت قبل أن أعود إلي سريري متمنياً أن أحلم بها مرة أخري ....

بين الحين والأخر أري أشخاصاً أتمني أن أجلس معهم وأحادثهم وأعتقد حقاً أن قلبي سيكون علي وفاق معهم ولكن تمنعني أقداري ... 

بقلم : محمد مندور 
6-2-2013