لم تكن ذات طابع إسلامي كما يظهر على أغلب الواقفات تحت وهج شمس الانتظار أمام الباب الذي تبدأ منه رحلة زيارة معتقلي سجن برج العرب ...
ربما هي سيدة ريفية ، أو ربما سيدة من حي عشوائي من ضواحي الأسكندرية هكذا بدت لي ...
سيدة أخذ منها العمر ما أخذ ولكنه منحها قوة وصلابة تتجلى في تقاسيم وجهها ..
يُمسك في يدها طفلين صغيرين يبدو من فارق السن أنها جدتهم وفي الأخرى زكيبة تكاد تمزق رسغها أما على رأسها فكان صندوقاً بلاستيكياً تحمل فيه بعض الطعام ...
ظلت صامتة طيلة الانتظار ، لم استطع دخول الزيارة يومها لأعرف من تزور ولكنها خرجت من الزيارة لتسطر مشهداً لم ولن أنساه طيلة حياتي ...
تركت باب الخروج ورائها يتبعها أحفادها على مهل وهي مسرعة وما أن نزلت الرصيف إلا وسقطت ..
سقطت جالسة صامتة وسقط الصندوق بجانبها وقد تبدلت قوتها وصلادتها بوهن وضعف لم أره في وجه أحد قط فقد شعرت بالذل .
دمعة واحدة تلك التي زينت ذلك الوجه ربما لو تأخر الأحفاد قليلاً لزاد عددهم ولكنها لم تسمح لنفسها أن تنكسر أمامهم ..
ما أن ظهر الحفيد الأول أمامها إلا وانتفضت واقفة تصرخ في وجهه وهي تحمل الصندوق فوق رأسها ممسكة بأحفادها تسير كما بدت أول النهار ..
في كل مرة يفرغ فيها الصندوق ما بداخله تحمل هي شحنة إضافية من الذل تجعلها عرضة للانكسار ولكنها مازالت صامدة ..
محمد مندور
9-7-2014
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق