expr:class='"loading" + data:blog.mobileClass'>

الجمعة، 4 مايو 2012

عن الدماء ولونها كلماتي ...


مازلت أذكر ذلك المشهد جيداً عندما كنت واقفاً في شرفة منزلني بجوار عائلتي أشاهد عم " اسماعيل " وهو يذبح البقرة والدم يسيل من عنقها أمامي . مازلت أذكر أول مرة تسال فيها الدماء أمامي ، أول مرة أشم فيها رائحة الدماء ولأنني كنت طفلاً دارت في ذهني أسئلة كثيرة .....

أجابني عنها والدي بعد أن عدت من صدمة المشهد فقد كنت أرغب في النزول ومنع هذا الحقير المدعو     " اسماعيل " من ذبح البقرة لأن هذا يؤذيها فمن هو لينهي حياة ذلك الحيوان بتلك الصورة ولكن فهمني أبي أن الحيوان غير الإنسان وأن تلك السلسلة هي التي يجب أن تستمر بها الحياة ....

وياليتك انتظرت يا أبي إلى ذلك اليوم لأقول لك أن شيئين قد تم إضافتهما على تلك السلسلة لتناسب عصرنا الحالي وهي أن الإنسان أصبح حيواناً وتم ظهور جنس جديد من سافكي دماء البشر لابد أن يقتلوا حتى يستطيعوا الحياة ولكن الغريب أنهم الأن لا يريحون الذبيحة ولا يكبرون الله أكبر ... لقد نسيت أنهم لا يعبدون إلهاً بل يعبدون أنفسهم ........

لم تكن تلك الخواطر سوى كلمات سُردت على أوراق بللتها الدموع عدة مرات كلما شاهدت مشهداً تسفك فيه الدماء مجدداً ولكنني كنت أعتذر كل مرة وأكتب أن " القادم أحسن وأجمل بكثير مما مضي " . حقيقة والأن أنا لا أرى القادم حتى أفكر وأحكم هل هو سيئ أم جميل كل ما أراه هو أيدي ملطخة بالدماء ووجوه حُرم أصحابها من سلامتها حتى لا نرى ابتسامة الشهادة في ثغرهم ، أجساد حُقرت ، ملامح مُحيت ، أعراض انتهكت وسالت دماء بكارتها تنبت في قلوبنا الشرف ولكنها وياأسفااه صحراء جرداء تفتقر المشاعر ...

هكذا كنت أرى فلسطين قديماً تلتها العراق وكنت دائماً أردد أننا سوف ندفع ثمن تخاذلنا غالياً وكنت أتوقع أن تُحتل مصر وسوريا واليمن والوطن العربي بأسره وكان ذلك يبدو مقنعاً فنحن نمتلك عدواً يسمي بني صهيون ولكنني أخطأت حقاً لأن مصر بالفعل كانت محتلة فقد بنى فيها الفساد جيشاً من اللاشعوريين ليأخذوا دوراً إجرامياً في مسرحية دفع ثمنها الشعب بدمائه الغالية فأصبحت أرى تلك المشاهد أمامي في شوارع مدينتي والغريب أنها من أبناء قومي والأغرب أنها ممن اعتنقوا دين الإسلام والأغرب والأغرب أنها ممن يُسمون خير أجناد الأرض ...

ويبقي السؤال حائراً .......

كيف لبني أدم له قلب في جوفه أن يفعل هذا ؟؟ كيف يظل يضرب و يضرب ويشاهد الروح تخرج أمامه ولا يُحرك ساكناً بل يزيد في التنكيل والضرب كيف يذبح ، يقتل ، يعذب ، يغتصب ، كيف كل هذا ؟..

كنت ثملاً قليلاً من كؤوس الحزن عندما طرحت ذلك السؤال والذي له إجابته المؤكدة وهي أن هؤلاء لا يملكون قلوباً من الأساس وما أن توصلت إلي تلك الإجابة إلا وراودني سؤال أخر أشد حيرة من الأول ولا أعتقد أنني كنت في حالة الثمالة في ذلك الوقت ! ...

كيف يشاهد تلك المشاهد شخصاً عادياً ثم يمسك بالريموت ويقلب ليشاهد ما لذ وطاب من مميتات القلوب وكأن شيئاً لم يكن . كيف يبرر لنفسه ما يشاهد ، ماذا يقول لنفسه ، كيف يضع جنبه علي فراشه ، كيف يعرف طريقاً للنوم للأكل لـ ......

ألا يشم رائحة الدماء في خياشيمه ألا يرى الدماء بين يديه ألا يبكي قلبه من مشهد سحل فتاة أو قتل رجل أو دماً سائلاً على الأرض ألا يعرف مثلاً أن سفك دم المسلم أشد على الله من هدم بيته الحرام كيف يصلي ؟! كيف يعبد الله وهولم يحافظ على حرمات الله كيف يصل إلى هذا الحد من الأنانية واللاشعور في ذات الوقت

حقيقة أريد أن أجلس مع أحدهم وأسأله بصدق ماذا يفعل ليزيل عن قلبه الألم النفسي بسبب ما يشاهده ولكنني لا أطيق حقاً أن أجالسهم فإنني مصاب بارتفاع مزمن في ضغط الدم ........
ويبقي السؤال محيراً كيف يفعلونها ؟؟!!!

 كيف يصل الحال بنا إلى تلك الدرجة من عدم الشعور ؟ . أعتقد أن الأمر يحتاج دراسة لنفسية ذلك النوع من بني أدم ومعالجتهم إن لزم الأمر وإلا فالعواقب وخيمة للغاية ......

بعد ما قرأت كلماتي لا تعتقد أنني  " رامبو " أقوم بإنقاذ المئات كل يوم ولكنني أقوم بدوري الطبيعي في الحياة أشعر مجرد الشعور بالهوان والذل وكثير من الأشياء المؤلمة عندما أري نقطة دم واحدة مسالة علي الأرض ظلماً أفعل ما بوسعي لرد الظلم عنها أهتف ، أكتب ، أفعل ما تملكه يدي وما تحتمه علي إنسانيتي المتواجدة بداخلي 

والأن هل أنت مثلي؟!! هل تشم رائحة الدماء أم أنها بدون رائحة بالنسبة إليك . هل ترى لونها أم أنها شفافة . هل تشعر بالذنب حقاً أم أنك لا تشعر . هل أنت بشري أم من جنس أخر ؟؟ ... هل يجري في عروقك دماً أم لا شعور !!!!!



بقلم : محمد مندور
5-5-2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق